أطلس المغرب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كل ما تريده موجود هنا .... مرحبا بك معانا


    حتى نفهم الآخر

    lfirdawsse
    lfirdawsse


    عدد المساهمات : 38
    تاريخ التسجيل : 27/08/2009

    حتى نفهم الآخر Empty حتى نفهم الآخر

    مُساهمة  lfirdawsse الثلاثاء سبتمبر 01, 2009 8:38 am

    عندما ينتفي الآخر تنشأ أفكار الحزب القائد، والمذهب الواحد، والفرقة الناجية، وتستبعد سائر الآراء والعقائد.

    ويصبح ذلك الآخر المنفي معارضاً منبوذاً مهدور الكرامة والدم، الأمر الذي يعني خلق دورة رديئة من العنف الذي ينشأ جراء غياب الحوار وسيطرة أحادية الرأي. وعندما يعز الخلاف في الرأي سواء أكان مصارحة أو همساً اوعلى طريقة ابن المقفع رمزاً تتوالد دوائر الصمت القاتل التي تنذر بفتن وانفجار صعب ومدمر في أي لحظة.... وعندما تطبع الثقافة بثقافة الأقوى ويغذى العامة بازدراء من ليس على الطريقة ويتحول المخالف إلى كلإ مباحٍ ينشأ الإرهاب... ومن سل سيف القتل والغدر والتصفية لابد أن تناله طعنة يوماً...

    ونحن اليوم نتنادى من أجل حماية الإنسان ومن أجل سلام مجتمعاتنا وحياة دنيانا وديننا نريد ان نعيش أياماً نحافظ فيها على دم المخالف لنا ونتبرأ من فكر الوصاية وممارسة الحركات والسلوكيات التي تظهر فينا التغول وحب الاقتناص لمن ليس على منهجنا....

    لقد قامت الشريعة السمحاء على مبادئ التسامح والتعددية وعلى أساس حق منح مساحات كبيرة للمغاير(لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي). أليس القرآن الحكيم الذي نتعبد الله بتلاوته يشمل الكثير من آراء المخالفين ؟

    أليست هذه تربية قرآنية ليعتاد ذهن وعقل المسلم على الاستماع للآراء المضادة ؟ أليست هذه التربية تربية عاقلة على العيش مع الآخر والإنصات إليه وحمايته والحوار معه مالم يبح دماً حراماً ؟

    أيامٌ تمضي وجراحنا تكبر ونحن لم نتعلم الدرس ...

    من ظلم الداخل يتولد قمع الخارج، ومن قمع الخارج يتولد تطرف، وردود أفعال طائشة نزقة هنا وهناك ...

    آراء البشر مختلفة، ولايمكن توحيدها بخنقها في رأي واحد، والتنوع الخلاق هو الكفيل بصيانة أمن وسلامة مجتمعاتنا العربية.

    كلما سقطنا في موقع هرولنا الى شتم الآخر ولصق التهم به، ونحن نشتم ونتوعد الآخر مافكرنا قط لماذا تمكن الآخر من توجيه ضربته إلينا ومن الذي زرع في الآخر فكر الاعتداء علينا.

    حكايتنا مع الآخر والحوار معه تحتاج إلى فرصة أكبر لاكتشاف مساحة مضيئة تنتقل بنا من حيز التصورات والانفعالات والسلوكيات التصفوية والتشهيرية إلى تفكير أكثر مسؤولية وحكمة، يؤمن بأن الآخر مهما تباين عنا فهو من حكم الله في الحياة وضرورة لإثراء ذواتنا، وتنمية قدراتنا، وتحفيز مواهبنا وبعد هذا الإيمان بقداسة الآخر نكلله بالحوار معه والتبادل السلمي للأفكار والاعتراف بضرورة وجوده.

    إن الحوار مع الآخر هو ثمرة لقناعة فكرية بأهمية الآخر وهو سلوك يدل على تحضر القائمين عليه. ولذلك فان أي خطوة تسبق إيجاد قناعات - وليس مداهنات أو مواقف آنية تدعو إلى الحوار- فلن يكون هناك أي جدوى من هذه الدعوات، فقبل الحوار لابد من الاعتراف بالآخر فجذر مشكلتنا ليس في التأكيد على أهمية الحوار وإنما في رؤيتنا للآخر الذي نحن في قطيعة متعددة المظاهر معه.

    فالآخر لا نعترف به إلا في حالات اضطرارية لا اختيارية وبشكل (بانورامي) مخيف ومفزع فمن اختلف عنا أيديولوجيا فهو بالتأكيد إما أصولي متزمت، أو علماني متفلت أو نبتكر أوصافا متتالية .... وحتى بين أبناء الدين الواحد فالآخر المختلف في تفسير النص الديني لابد أن ينال حظه الوافر ونصيبه من مفردات قاموس الشتائم الديني التي تبدأ (بالاعتزال أو الرفض وتمر بالفسوق والضلال وتنتهي بالتكفير).. وفي أحسن الحالات نتجاهل هذا المختلف عنا ونهمشه. وأما الآخر ممن اختلف عنا بيولوجيا في - التكوين العضوي - فهو من أكثر أهل النار مورداً وهو مصدر الشهوة والفتنة والإغواء فأغلب الذكور ينظرون إلى المرآة وكأنها مفردة جنسية وحسب لا تقرأ حروفها إلا على السرير وكذلك نظرة الإناث إلى الذكور محكومة بالموروث الشعبي الشهير لا أمان للرجال. وفي حياتنا الفكرية لم نتعود البتة على شئ اسمه الآخر فرأينا صواب مئة بالمئة يحتمل وجود الخطأ ولكن ما أندره والنادر كالمعدوم فلا خطأ إذاً عندنا وأما الآخر فرأيه خطأ مئة بالمئة قد يحتمل الصواب ولكن لا وجود للصواب لديه وبهذه المعادلة فلا آخر في عقلنا لانتفاء الحاجة إليه ولكونه مخطئاً أصلاً كما أن مظاهر العجز في التعامل مع الآخر تتعدى حدود المشهد الاجتماعي والفكري الى السياسة فالمعارضة يعترف بها في محاكم أمن الدولة حيث هي عناصر تخريب وإرهاب والسلطات تعترف بها المعارضة بأنها وحش ينبغي قتله ويتحول البلد الكبير الى حلبة صراع دموية يدفع ضريبتها المجتمع بأسره.

    وهكذا العنف سيد الأحكام في التعامل مع الآخر الذي نختزل علاقتنا به بالثنائيات القاتلة (مع أو ضد) أو تلك الثلاثية الخادعة إلا أنها سلوكية واضحة الهوية في تعاملاتنا (وافق أو نافق أو فارق) ولو انتقلنا في نظرتنا إلى رؤيتنا للآخر ولكن خارج نطاق بلادنا وحدود العالم العربي والإسلامي. فالآخر هو من تسيطر على مخيلتنا في كثير من الأحيان أنه سبب هزائمنا ونكباتنا وسرقة خيراتنا وهو شر مطلق لاخير فيه ومستباح بكل ما تعني هذه الكلمة من الدلالات كما ان الآخر في الخارج لا يسلم من وجه عابس كالح ويد طويلة تدميرية وفكر إقصائي قهري نقابله به ويغذي هذه التوجهات المأزق الكبير الذي وقع فيه الإنسان العربي اليوم فوعيه بالآخر تطحنه لقمة هاربة معيشية وسلطة سياسية باطشة فالحالة الاجتماعية اليوم من فقر وانتشار الباطلة والأمية الفكرية حولت وعيه بالآخر الى أرض خصبة للتصورات الساذجة والمضحكة يمليها عليه القهر السياسي الذي يقبض على أنفاس الشعوب ويحبسها في إعلام مزيف مأجور للسلطة يحشو عقول الجماهير بالحديث عن المآثر والمناقب الخالدة للقائد وللمسيرة وللمنجزات والأمن والاستقرار ولكن عندما ينتقل هذا الإعلام الموجه المزيف الكذوب للحديث عن الآخر فالأمر مختلف تماماً فالآخر في ذاكرة شعوبنا العربية محتل ومغتصب ولعنة حلت من السماء وعلينا أن نقاطع بضائعه وأن نهجر وده.

    هكذا يرسخ إعلام الكثير من الأنظمة العربية مفهوم الآخر لدى شعوب المنطقة أنه موجود ليقتلنا أو لنقتله ليسرقنا أو لنكف يده عنا ويقوي هذه الدعايات المركزة والمكثفة والمختصرة بعض أدعياء الثقافة وبعض رجال الدين من أجراء السلطات التي أرادت أن تصرف نظر شعوبها إلى الآخر الخارجي بدلا من النظر في العيوب الداخلية والقرار الذي اتخذ منذ عقود طويلة في تحويل العربي الى متفرج مشاهد مصفق لا يجيد سوى الهتاف بأمجاد الزعيم و النظر الى الآخر الخارجي بنظرة العداء وفي سبيل تكريس هذه النظرة وتعميقها في العقل الجمعي للشعوب ألهت الأنظمة العربية الشعوب بمثقفين نضاليين تغلب عليهم مسحة التهييج وإثارة العواطف كما نلحظ نتيجة لهذه الهيمنة الإعلامية والتزييف المتتالي أن علاقة المثقف بالشعوب تزداد عمقاً واطراداً كلما تهجم وانتقد الآخر ونعته بشتى الشتائم وعزى إليه أسباب تخلفنا وارتكاسنا ولكن في المقابل نجد هذا المثقف ينام ملء جفونه على أخطاء الداخل والمقابح الكبيرة والذنوب والمعاصي السياسية ويصحو ليحدث الناس عن فظاعة سجن أبو غريب ويغرق الناس بفتوح وأمجاد الماضي والحضارة التي ولت ويغمض عينيه عن الانتهاكات المتواصلة لأبسط حقوق الإنسان في الوطن العربي وأن بعض السلطات العربية جلست تضحك على ماسمى بفضيحة سجن أبو غريب حيث تجاوزت هي هذه الخطوط وزادت عليها بكثير ويكفي أن تفسح قناة عربية لأي معتقل رأي عربي ليحدثكم عن أهوال تفوق بكثير ما عرض علينا، إن الغرب لن يقيم لحوارنا معه أي وزن مالم ننجح نحن في تجسير الهوة والمعافاة من الندوب الكثيرة والقبيحة في مسرح حياتنا واذا نحن نجحنا في هذا فيمكن أن يحترم الغرب حوارنا معه ويمكن أن يقيم للحوار معنىً وقيمة.

    إننا نجيد إطلاق الدعايات الكبيرة والشعارات الرنانة ولكننا حتما فاشلون في إقامة أي حوار بيننا والمدخل الوحيد لنهوض قادم هو في الاعتراف بالآخر مهما اختلف عنا.

    اللهم نشهدك أننا ندعو كل يوم للحب كي يعود بين الناس اللهم أعنا أن ناخذ من الشمس سلماً ونوراً كي تنعم بلادنا بالامن والورود ولتتعانق القلوب من أجل حب الله ونفع الانسان والحفاظ على كرامته..

    ولعل من شروق الخير أن نتكلم في مواضيع الساعة..

    نريد تعددية ووفاقاً غير مكره وتداولاً سلمياً وهادئاً لكل شئ ونريد حماية الانسان بغض النظر عن معتقده أو مذهبه...

    نريد أن ندخل في السلم كافة.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 4:45 am