قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى داراً فأتمها إلا موضع لبنة واحدة، فجئت أنا فأتممت تلك اللبنة».
هنالك قيم إنسانية مشتركة ليست أمراً خاصاً بأي ديانة بعينها، وإنما تمثل شأناً عالمياً، لكل الديانات فـــيه نصيب. ويكـــون التمسك بها طوق النجـــاة بالنـسبة إلينا جميعاً. إن التأمل في الطبيعة الإنسانية وإخضاعها للدراسة يكشفان لنا امتداد الضمير الإنساني. توجد طرق بناءة في التفاعل مع الآخر ومــــــع الحياة بشكل عـــام، وهي طرق روحــية وإنســـانية وعالمــية تتخطى الحواجز الدينية والسياسية والعرقية لتكشف عن إنسانية مشتركة واحدة.
إن مد جسور التواصل أو إيجاد نقاط تقاطــع بين الأديان إنما يتم عـــن طريق الحوار المعمق والصريح الـــذي يـــؤدي إلى اكتشاف مناطق مشتركة يمكن البناء عليها من أجل التوصل إلى سلام حقيقي بين الأديان وتجاوز مرحلة الصراعات الطائفية والحروب. لا بد من الحوار على النطاق الواسع وليس الضيق من أجل استتباب السلام في العالم.
هنالك قواعد سلوكية ترشدنا إذا أردنا أن ننخرط بفاعلية في عملية الحوار مع أتباع الديانات: التأكيد على أهمية التوافق بين المعتقدات الدينية والجوانب العملية، البدء بالقواسم المشتركة، الأخذ بالحسبان تأثير حركة التنوير الأوروبية على الأديان، الأخذ بمبدأ عدم الإكراه، إقرار حق الفرد في إعلان دينه، إعادة النظر في محتوى مناهج التربية والتعليم، ضمان الانسياب الحر للمعلومات، النظر في التراث والتاريخ والاجتهادات الخاصة بديانة الفرد وديانة الآخر، وضع أطر مناسبة لتفهم الاختلافات في الرأي، قبول النهوض بمسؤولية الأقوال والأفعال على كل الصعد، الإقرار بالأبعاد السياسية والاقتصادية لحوار الديانات.
يعيش العرب والمسلمون اليوم أزمة لها جانبان: الفكري الروحي والمادي أو الاقتصادي. وأي تغيير يلوح في الأفق لا بد أن يأتي عن طريق الفكر أولاً قبل أن يترجم على أرض الواقع. ففي عصر العولمة لم تعد مسألة الإسلام شأناً داخلياً يخص المسلمين وحدهم، بل أصبحت تشغل العالم كله. وتعالت الأصوات التي تبث القلق من تنامي تيار التطرف في العالم الإسلامي. لقد شوهت الصورة الحقيقية للدين الإسلامي بسبب الأحداث الإرهابية التي ارتكبتها بعض الفئات والتي يبدو أنها - بكل أسف - أقنعت العالم بأن دين الإسلام ذو روح عدوانية، وأنه يختلف جوهرياً وأصلياً عن كل الأديان الأخرى.
لقد وردت كلمة السلم أو السلام في القرآن الكريم تسعاً وأربعين مرة، كما تعددت الآيات التي تدعو إلى التسامح وعدم الإكراه في الدين. فالروح العامة للنص القرآني هي روح الرحمة والتسامح والمغفرة. ولا يجوز إطلاقاً أن نقلل من أهمية هذا البعد أو نغفل عنه كما تفعل الحركات المتطرفة حالياً.
لذلك، لا بد أن نفرق بالنسبة الى الدين بين جوهره الروحاني والأخلاقي الذي يتعالى على كل شيء وبين الإيديولوجيات المتطرفة التي تدعي الانتساب إليه، وهي في الواقع تخون جوهر رسالته وتشوهها. إن جميع الأديان تحتوي على مبادئ نبيلة وتدعو إلى محبة الآخر، لكن هنالك المبادئ السامية من جهة والتطبيق العملي على أرض الواقع من جهة أخرى.
إن الحديث في وسائل الإعلام الغربي عن التيار الإسلامي المتطرف أمر بالغ الخطورة لأنه يوهم الجمهور بأن المسلمين كافة ينتمون إلى هذا التيار. وقد أصبحت الحروب الدعائية تشن على الإسلام: تكرار الحديث عن «الإسلام الفاشي»، الكلام عن «صدام الحضارات» وكأنه نبوءة محققة، الحاجة إلى خوض حرب جديدة أو «حملة صليبية» جديدة أو حرب نووية يكون فيها خلاص العالم المتحضر. هذه أمثلة تظهر بوضوح توظيف الدين من أجل تحقيق مآرب سياسية.
الإسلام هو دين العقل والتفكير الحر، لا دين الاستسلام للخرافات والتعصب الأعمى. ولا بد من أن يصبح التدين مستبطناً من الداخل، فيكون الوازع الأخلاقي نابعاً من داخل الإنسان، ويترسخ الضمير الأخلاقي الصارم في الضمير الجماعي. نحن بحاجة إلى الإيمان المستنير الروحاني إلى أقصى الحدود، الذي يدعو إلى الحوار بين أتباع الأديان على أساس الاحترام المتبادل بين الثقافات والمعتقدات.
إن العقل قوة فاعلة تحرك الإنسان على الفعل، ولا يجوز فصل العقل عن الفعل. فالقدرة على تعقل الأشياء لا تنمو وتنضج باستقلال عن الشروط الاجتماعية وبمعزل عن القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية. فالمبدأ العقلاني يقضي باختيار الوسائل الكفيلة بتحقيق الغايات والمصالح المعنية. يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». لا بد من تهيئة الظروف التي تمكن المسلمين من ممارسة هذه القيم السامية بكل حرية من خلال دعم المؤسسات الدينية وتفعيلها، لا تحجيم دورها وقطع السبل أمامها بدعوى تجفيف منابع الإرهاب.
وإذا كان الإسلام يعلي من مكانة العقل، فإنه كذلك يعلي من شأن الحوار مع الآخر وإقناعه بالطرق السلمية الحضارية: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن»، (سورة النحل: الآية 125)، حيث يكون التركيز على قوة الأفكار، لا على حرب الأفكار. وفي هذا الإطار حرصت على دعم الحوار والتواصل مع الآخر وتفعيلهما، وتطوير العلاقات مع الآخر من خلال العمل المشترك في سبيل القضايا الإنسانية. فهنالك ثلاثة مخاوف أو أنواع من الرهاب، يجب على الإنسان التغلب عليها: الخوف من الآخر الذي مبعثه عدم الفهم والجهل بمبادئ ثقافة الآخر ومعتقداته، والخوف من المجتمع وردود الفعل إزاء آراء الفرد وأفكاره، والخوف من السلام بحيث لا نقدم على تحقيقه خوفاً من تبعاته، لا من الحرب وتداعياتها.
هنالك قيم إنسانية مشتركة ليست أمراً خاصاً بأي ديانة بعينها، وإنما تمثل شأناً عالمياً، لكل الديانات فـــيه نصيب. ويكـــون التمسك بها طوق النجـــاة بالنـسبة إلينا جميعاً. إن التأمل في الطبيعة الإنسانية وإخضاعها للدراسة يكشفان لنا امتداد الضمير الإنساني. توجد طرق بناءة في التفاعل مع الآخر ومــــــع الحياة بشكل عـــام، وهي طرق روحــية وإنســـانية وعالمــية تتخطى الحواجز الدينية والسياسية والعرقية لتكشف عن إنسانية مشتركة واحدة.
إن مد جسور التواصل أو إيجاد نقاط تقاطــع بين الأديان إنما يتم عـــن طريق الحوار المعمق والصريح الـــذي يـــؤدي إلى اكتشاف مناطق مشتركة يمكن البناء عليها من أجل التوصل إلى سلام حقيقي بين الأديان وتجاوز مرحلة الصراعات الطائفية والحروب. لا بد من الحوار على النطاق الواسع وليس الضيق من أجل استتباب السلام في العالم.
هنالك قواعد سلوكية ترشدنا إذا أردنا أن ننخرط بفاعلية في عملية الحوار مع أتباع الديانات: التأكيد على أهمية التوافق بين المعتقدات الدينية والجوانب العملية، البدء بالقواسم المشتركة، الأخذ بالحسبان تأثير حركة التنوير الأوروبية على الأديان، الأخذ بمبدأ عدم الإكراه، إقرار حق الفرد في إعلان دينه، إعادة النظر في محتوى مناهج التربية والتعليم، ضمان الانسياب الحر للمعلومات، النظر في التراث والتاريخ والاجتهادات الخاصة بديانة الفرد وديانة الآخر، وضع أطر مناسبة لتفهم الاختلافات في الرأي، قبول النهوض بمسؤولية الأقوال والأفعال على كل الصعد، الإقرار بالأبعاد السياسية والاقتصادية لحوار الديانات.
يعيش العرب والمسلمون اليوم أزمة لها جانبان: الفكري الروحي والمادي أو الاقتصادي. وأي تغيير يلوح في الأفق لا بد أن يأتي عن طريق الفكر أولاً قبل أن يترجم على أرض الواقع. ففي عصر العولمة لم تعد مسألة الإسلام شأناً داخلياً يخص المسلمين وحدهم، بل أصبحت تشغل العالم كله. وتعالت الأصوات التي تبث القلق من تنامي تيار التطرف في العالم الإسلامي. لقد شوهت الصورة الحقيقية للدين الإسلامي بسبب الأحداث الإرهابية التي ارتكبتها بعض الفئات والتي يبدو أنها - بكل أسف - أقنعت العالم بأن دين الإسلام ذو روح عدوانية، وأنه يختلف جوهرياً وأصلياً عن كل الأديان الأخرى.
لقد وردت كلمة السلم أو السلام في القرآن الكريم تسعاً وأربعين مرة، كما تعددت الآيات التي تدعو إلى التسامح وعدم الإكراه في الدين. فالروح العامة للنص القرآني هي روح الرحمة والتسامح والمغفرة. ولا يجوز إطلاقاً أن نقلل من أهمية هذا البعد أو نغفل عنه كما تفعل الحركات المتطرفة حالياً.
لذلك، لا بد أن نفرق بالنسبة الى الدين بين جوهره الروحاني والأخلاقي الذي يتعالى على كل شيء وبين الإيديولوجيات المتطرفة التي تدعي الانتساب إليه، وهي في الواقع تخون جوهر رسالته وتشوهها. إن جميع الأديان تحتوي على مبادئ نبيلة وتدعو إلى محبة الآخر، لكن هنالك المبادئ السامية من جهة والتطبيق العملي على أرض الواقع من جهة أخرى.
إن الحديث في وسائل الإعلام الغربي عن التيار الإسلامي المتطرف أمر بالغ الخطورة لأنه يوهم الجمهور بأن المسلمين كافة ينتمون إلى هذا التيار. وقد أصبحت الحروب الدعائية تشن على الإسلام: تكرار الحديث عن «الإسلام الفاشي»، الكلام عن «صدام الحضارات» وكأنه نبوءة محققة، الحاجة إلى خوض حرب جديدة أو «حملة صليبية» جديدة أو حرب نووية يكون فيها خلاص العالم المتحضر. هذه أمثلة تظهر بوضوح توظيف الدين من أجل تحقيق مآرب سياسية.
الإسلام هو دين العقل والتفكير الحر، لا دين الاستسلام للخرافات والتعصب الأعمى. ولا بد من أن يصبح التدين مستبطناً من الداخل، فيكون الوازع الأخلاقي نابعاً من داخل الإنسان، ويترسخ الضمير الأخلاقي الصارم في الضمير الجماعي. نحن بحاجة إلى الإيمان المستنير الروحاني إلى أقصى الحدود، الذي يدعو إلى الحوار بين أتباع الأديان على أساس الاحترام المتبادل بين الثقافات والمعتقدات.
إن العقل قوة فاعلة تحرك الإنسان على الفعل، ولا يجوز فصل العقل عن الفعل. فالقدرة على تعقل الأشياء لا تنمو وتنضج باستقلال عن الشروط الاجتماعية وبمعزل عن القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية. فالمبدأ العقلاني يقضي باختيار الوسائل الكفيلة بتحقيق الغايات والمصالح المعنية. يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». لا بد من تهيئة الظروف التي تمكن المسلمين من ممارسة هذه القيم السامية بكل حرية من خلال دعم المؤسسات الدينية وتفعيلها، لا تحجيم دورها وقطع السبل أمامها بدعوى تجفيف منابع الإرهاب.
وإذا كان الإسلام يعلي من مكانة العقل، فإنه كذلك يعلي من شأن الحوار مع الآخر وإقناعه بالطرق السلمية الحضارية: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن»، (سورة النحل: الآية 125)، حيث يكون التركيز على قوة الأفكار، لا على حرب الأفكار. وفي هذا الإطار حرصت على دعم الحوار والتواصل مع الآخر وتفعيلهما، وتطوير العلاقات مع الآخر من خلال العمل المشترك في سبيل القضايا الإنسانية. فهنالك ثلاثة مخاوف أو أنواع من الرهاب، يجب على الإنسان التغلب عليها: الخوف من الآخر الذي مبعثه عدم الفهم والجهل بمبادئ ثقافة الآخر ومعتقداته، والخوف من المجتمع وردود الفعل إزاء آراء الفرد وأفكاره، والخوف من السلام بحيث لا نقدم على تحقيقه خوفاً من تبعاته، لا من الحرب وتداعياتها.